عاشت مدينة إفران على مدار خمسة أيام (20 إلى 24 يوليوز 2022) أجواء ثقافية ومسرحية بامتياز، من خلال احتضانها فعاليات الدورة 42 من مهرجان مسرح البدوي بإفران، والتي كانت استثنائية بكل المقاييس، لأنها أول دورة من دون صاحب فكرتها، ومهندسها، فقيد المسرح المغربي، الأستاذ عبد القادر البدوي، الذي وافته المنية بعدما قطع أشواطا كبيرة في التحضير لدورة هذه السنة، التي كان يتغيا أن تكون متميزة، بعدما احتجبت لسنتين بسبب تفشي جائحة كورونا.
دورة هذه السنة حققت أهدافها وغاياتها، بدليل ذلك الحضور الجارف، الذي تابع تفاصيلها، منذ حفل الافتتاح وحتى الاختتام.
فخلال حفل الافتتاح، الذي شهد لوحات شعبية وفلكلورية محلية، شنفت أسماع الحاضرين، من أبناء إفران ومصطافيها، الذين حجوا بكثافة لمتابعة فقرات هذه الدورة، التي كانت ناجحة بكل المقاييس، عرض شريط وثائقي حول مسار هذا المهرجان الذي تاسس سنة 1972، والذي أراد مؤسسه أن يجعل منه “أفينيون المغرب”، رغم الفوارق المادية الكبيرة بين المهرجانيين، لكنه أصر على أن يظل هذا المهرجان حاضرا في الذاكرة الثقافية لهذه المدينة الجبلية. وهذا ما عكسته كلمة رئيسة الفرقة، ومديرة المهرجان، الأستاذة حسناء البدوي، استعرضت فيها بصمات الراحل الأستاذ عبد القادر البدوي، الذي كرس كل حياته لخدمة الثقافة الوطنية و القضية المسرحية بالمغرب، وناضل من أجل غد مشرق، يحفظ كرامة الفنان المغربي ويصونها، كما تطرقت إلى نشأة الفكرة وتحولها إلى واقع، ما جعل من هذه المدينة الجميلة قبلة سنوية لعشاق أبي الفنون.
وبعدها تم استعراض بعض محطات الفرقة، من خلال شريط وثق لمسار مكرم الدورة، الفنان محمد بنعيسى الكرتي، الشهير فنيا بالزياني، والذي كانت له إسهامات كبيرة في تاريخ الفرقة، لاسيما عند مرحلة التأسيس، فوق خشبة المسرح وأيضا على مستوى اللوجيستيك والتنظيم.
وتنوعت فقرات هذه الدورة، التي شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا، بين الجانب المسرحي من خلال عروض مسرحية للعموم والأطفال، الذين خصص لهم حيز كبير في هذه الدورة، على غرار الدورات السابقة، ما يؤكد مدى الاهتمام الكبير الذي يوليه مسرح البدوي لأجيال الغد.
وفضلا عن عرض مسرحيتي الهاربون، التي خاطبت العموم، ونبيل ونبيلة، المخصصة للأطفال دراماتورجيا عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي و من إخراج كريمة البدوي، تميزت الدورة بتنظيم ندوة فكرية، تحت عنوان “سيرة نضال… قراءة لمسار مؤسس المهرجان، عميد المسرح المغربي الأستاذ عبد القادر البدوي”، بمشاركة الأستاذ الكاتب والحقوقي عبد الصمد المرابط، الذي ألقى عرضا بعنوان “مسرح البدوي … رسالة وطنية” والأستاذة زهور الحر، المحامية والفاعلية الجمعوية في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، التي تطرقت في مداخلتها لقضية المرأة في مسرح البدوي، فضلا عن مساهمة للأستاذ عبد الله رشد، الذي اعتذر عن الحضور بسبب عارض صحي، لكنه بعث بعرض حول موضوع “مسرح البدوي صوت المظلومين”، تلاه بالنيابة عنه منشط الندوة الأستاذ إبراهيم العماري.
كما نظمت إدارة المهرجان معرضا توثيقيا تحث عنوان مسرح البدوي ذاكرة مسرح ذاكرة وطن يعرض صورا فوتوغرافية و أفيشات تاريخية توثق لتاريخ مهرجان مسرح البدوي بمدينة إيفران .
وفي أجواء احتفالية وحماسية، ضرب الجميع موعدا في السنة المقبلة، آملين اتساع دائرة المشاركين، بحضور فنانين عالميين، من أجل بناء جسور التواصل الثقافي مع العالم وبالتالي إغناء الساحة الفنية والمسرحية بتجارب جديدة، يمكن أن تحقق الإضافة للمهرجان وللمسرح المغربي وللمشهد الثقافي الوطني.