أن تسكت دهرا، معناه أنك ستنطق جهرا حين يطفح الكيل وينفذ الصبر، ويستحيل انتظار الحلول ردة فعل ميكانيكية تعارض مايمكن توصيفه بالظلم الغير مبرر في حق ساكنة البيضاء التي ضاقت ذرعا بممارسة شركة ليديك المخول لها تدبير قطاع الكهرباء، والتي غدت آلية للصوصية والنصب الممنهج، في غياب الضمير الانساني المفترض حضوره في كل العلاقات الانسانية، وكل العقود التي تجمع إطارا كيفما كان مع مواطن يدفع الضرائب، ويغالب العيش ساعيا الى التعايش مع كل مايستجد.
عدم إرسال فواتير الإستهلاك الى من يعنيهم الأمر، والفوترة الخيالية لحجم الإستهلاك الكهربائي، ومباشرة قطع خيوط الكهرباء على الزبناء، وتسليط الغرامات عليهم دون سابق إشعار، هي كلها عناوين العبث والاستهثار والنصب التي تتعاطى بها شركة تدبير الكهرباء بالبيضاء مع المواطنين الذين سجلوا استيائهم من هكذا إجراءات تتعارض جملة وتفصيلا مع ما يقتضيه العرف والقانون.
هذا ويسجل تجاهل الشركة لكل النداءات ورزمانة الشكايات التي وضعت على مكاتبها لإعادة النظر في الاليات الغير قانونية والحيف الممارس في حق المواطنين، الا أنها ضربت عرض الحائط وتم تجاهلها وقوبلت بمنطق التعنت القاضي بشعار “الأداء أولا، والشكاوى من بعد” .
المثير للاستغراب في كل هذه الفوضى التي فجرتها الشركة السالفة الذكر أن كل هذا الحيف يحدث أمام مرئى ومسامع المسؤولين والأوصياء الذين صمت آذنهم ولم يحركوا ساكنا، ولم يكلفوا أنفسهم عناء التحري والاستقصاء في هذه الممارسات المشبوهة التي لا تراعي جيوب وكرامة المواطنين، الذين يحز في نفوسهم الصمت المريب الذي يسجل لدى من انتخبوهم للدفاع عن مصالحهم وتحصين مكتسباتهم التي أضحت في كف عفريت.
وتجدر الإشارة إلى أن ساكنة البيضاء قد راسلت عمدة المدينة وأوصلت صوتها لهذه الجهة التي يعنيها الأمر قبل غيرها، لغرض كشف ملابسات هذه الخروقات التي طال أمدها، مناشدة كل المسؤولين بالالتفاتة لهذا الملف الثقيل الذي أثقال كاهل المواطن وثقب جيبه دون مراعاة لظروفه الاقتصادية الهشة التي زادتها جائحة كورونا عبئا إضافيا.
إن تدبير هكذا قطاع يقتضي توافر ضمير مهني حي، ومسؤولية ثابتة لاتستقيم الا بربطها بالمحاسبة إن كنا فعلا نبتغي تطبيق وتحقيق الحكامة الجيدة التي وضع أساسها جلالة الملك، والا ستضيع مصالح المواطن، ويتم الدوس على كرامته.