محمد سعيد الأندلسي – طنجة
تابعنا عن قرب حجم المعاناة التي تعاني منها سيارة اسعاف وهي تنقل أحد المصابين…حيث وجد سائقها نفسه محاصرا من كل الجهات بالدراجات التي تنقل للباعة المتجولين الاشياء التي يبيعونها، صياح في كل مكان وكلام فاحش بين الفينة والاخرى وترى بعض المدمنين يفترشون أشياء يجمعونها من حاويات القمامة يعرضونها للبيع لكي يشترون في المساء المخدرات التي أصبحت تباع في هذا المكان …من جهة أخرى، مشاهد مقززة ازبال في كل مكان وروائح نثنة في كل جانب وشجارات وصراخ يعلو فوق صوت الاذان.
هجوم هؤلاء الباعة المتجولون بحي الوردة يثير الاستغراب، وتساهل السلطات، هل الأمر يتعلق باستسلام مع رفع الراية البيضاء في وجه هؤلاء؟ أم أن الأمر يتعلق بغياب سياسة حكيمة وتدبير معقلن لتدبير هذا القطاع الذي يتطاول على جمالية الحي ويعيق حرية التنقل ويهدد الأمن الروحي لسكان الحي.
المشاهد ذاتها تتكرر كل يوم بحي الوردة، أينما ولّى سكان الحي وجوههم إلا ووجدوا أنفسهم محاصرين بعربات ودرجات مهترئة محملة بسلع مستعملة تعرض للبيع.
قد يفسر البعض تناولنا لهذا الموضوع بأنه تحامل على فئة الباعة المتجولين وحرمانها من فرص لتحصيل قوتها اليومي، لكن واقع الحال يوحي بأن هذه الفئة عاثت فسادا في الأرض واتخذت من سياسة الهدنة الغير المعلنة من قبل السلطات المحلية مطية لها للعبث بالفضاءات البيئية وانتهاك حرمات الاحياء وتدنيس ساحاتها في اخر النهار بالازبال.
فحين تنتهك الاحياء، وحين يجد سكان الحي صعوبة بالغة في المرور، بفعل هذا الزخم الكبير والفوضى العارمة لباعة متجولين وهم يحاصرون مدخل الحي كله، همهم الوحيد هو التخلص من بضاعتهم ولو على حساب كرامة الآخرين، فتلك صور مقززة تستوجب التوقف لمناقشتها وتمحصها والبحث عن حلول لها.
فإلى أي حد يمكن اعتبار تجاهل هذه الظاهرة من طرف السلطات المحلية بمثابة خلق فرص للشغل لهؤلاء الباعة؟
رسالة قوية إلى كافة مكونات المجلس البلدي المنتخب حديثا، أن يضع برنامجا محكما للقضاء على ظاهرة الباعة الجائلين بتنسيق من السلطات، حفاظا على الفضاء البيئي، علما أن هؤلاء الباعة لا يكلفون أنفسهم حتى عناء جمع نفاياتهم ومخلفاتهم من القمامة، متناسين بأن الإنسان الذي يترك القمامة وراءه يعكس طريقة نشأته البيئية.
فإلى متى ياترى سيظل حي الوردة عنوانا لأوساخ وأزبال الباعة المتجولين؟ وهل وحده المجلس البلدي هو المسؤول عن هذه الوضعية الكارثية لاستغلال الملك العمومي؟ أم يتقاسمها مع الباعة المتجولين و باقي المتدخلين و المواطنين؟
انتهت الانتخابات، وتشكل المجلس البلدي بطنجة، وبين ثنايا ذلك كله، كثُر الحديث عن مصير المدينة ومستقبلها، وهل التركيبة الحالية قادرة على اخراج المدينة من دوامة التسيير العشوائي وانتشار العشوائية وضعف الخدمات وغياب فرص شغل قارة للشباب العاطلين عن العمل؟
إرث ثقيل ورثه المجلس البلدي الذي انتخب خلال اليومين الماضيين، فهل ستتم ترجمة الوعود إلى أفعال حقيقية يلامسها المواطن فور خروجه من منزله؟ أم أن ” أيام المشمش العشر الزاهية والوعود المعسولة” ستنتهي وينتهي معها حلم الغد الأفضل الذي طالما تغنت به الأحزاب إبان حملاتها الانتخابية؟.